أوقات عمل الحجامة:
لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأيام السابع عشر والتاسع عشر والواحد وعشرون من الشهر القمري لعمل الحجامة، وأيضًا لتأتى الحجامة بثمارها المرجوة فالأفضل أن تكون على الريق في أوقات تبيغ الدم أي فورانه. وهي أوقات تبدل الفصول ودخول مواسم الحرارة.
وقد صح في ذكر أوقات عمل الحجامة هذا أحاديث كثيرة نذكر منها حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ﴿مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ﴾. رواه ابن ماجة في سننه.
والأسانيد التي ذكرت حول أفضل أوقات عمل الحجامة كثيرة، نستخلص منها أن الصحابة رضوان الله عليهم كان يستحبون الاحتجام فى الأيام الوتر من كل شهر
وعن ابن عون، قال : ( كان يوصي بعض أصحابه أن يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة ) قال أحمد : قال سليم : وأخبرنا هشام، عن محمد أنه زاد فيه : وإحدى وعشرين .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تقوية بعض الأحاديث المرفوعة في أفضل أوقات عمل الحجامة الترمذي حين أخرج حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجم لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين ) رقم (2051)، قال : حديث حسن .
وأما ما ورد من تخصيص أيام معينة للحجامة والنهي عن أيام معينة كتخصيص أيام الأحد والنهي عن الأربعاء ونحو ذلك فلا يصح من هذه الأحاديث شيئ وكلها أحاديث ضعيفة و وبعضها منكرة وباطلة، فلا يغرنك تحسين أو تصحيح بعض العلماء الأجلاء لها اجتهادًا منه؛ لأنه قد نص أكثر الأئمة على ضعف هذه الأحاديث وأنه لم يصح منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سئل الإمام مالك عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء فقال :كما في ” المنتقى شرح الموطأ ” (7/225) نقله عن ” العتبية “.
” لا بأس بذلك، وليس يوم إلا وقد احتجمتُ فيه، ولا أكره شيئا من هذا ” انتهى باختصار.
وجاء في ” الفواكه الدواني ” (2/338) من كتب المالكية عن أوقات عمل الحجامة:
” تجوز في كل أيام السنة حتى السبت والأربعاء، بل كان مالك يتعمد الحجامة فيها، ولا يكره شيئًا من الأدوية في هذين اليومين، وما ورد من الأحاديث في التحذير من الحجامة فيهما فلم يصح عند مالك رضي الله عنه ” انتهى.
ويقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله :
” ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء – يعني في توقيتها – إلا أنه أمر بها ” انتهى. نقله ابن الجوزي في “الموضوعات” (3/215)
ونقل الخلال عن الإمام أحمد أن الحديث لم يثبت .نقله ابن حجر في “فتح الباري” (10/149).
يقول البرذعي :” شهدت أبا زرعة لا يُثبِتُ في كراهة الحجامة في يوم بعينه، ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا ” انتهى.”سؤالات البرذعي” (2/757)
وقال الحافظ ابن حجر – في شرح قول الإمام البخاري : ” باب في أي ساعة يحتجم، واحتجم أبو موسى ليلا ” – :” وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج، ولا تتقيد بوقت دون وقت، لأنه ذكر الاحتجام ليلا ” انتهى.”فتح الباري” (10/149)
وقال العقيلي رحمه الله :” وليس في هذا الباب – في اختيار يوم للحجامة – شيء يثبت ” انتهى.”الضعفاء الكبير” (1/150)
وقد عقد ابن الجوزي رحمه الله في كتابه “الموضوعات” (3/211-215) أبوابًا كاملة جمع فيها هذه الأحاديث الواردة، ويعقبها بقوله :” هذه الأحاديث ليس فيها شيء صحيح ” انتهى.
ويقول الإمام النووي رحمه الله :” والحاصل أنه لم يثبت شيء في النهي عن الحجامة في يوم معين” انتهى.” المجموع ” (9/69) وإن كان النووي يحسن حديث توقيت الحجامة في أيام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :” هذه الأحاديث لم يصح منها شيء ” انتهى.”فتح الباري” (10/149)
والكلام السابق كله حول تحديد أفضل أوقات عمل الحجامة محمول على الحجامة الوقائية التي يجريها الإنسان لغير ضرورة مرضية معينه ومحمول على الحجامة الدموية وهي الحجامة التي عرفها العرب ومن ثم المسلمين ولا تدخل باقي أنواع الحجامة (كالمتزحلقة والمغناطيسية وما شابهها من أنواع الحجامة المستوردة ) ضمن هذه الشروط
اقرأ ايضًا : الحجامة شفاء وهدي نبوي
وأفضل أوقات عمل الحجامة الوقائية في الأيام الفردية من الاشهر الهجري تؤيده الصنعة الطبية وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله – بعد أن أورد أحاديث الحجامة في السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين – بقوله: وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء : أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره .
وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره .
قال الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ” انتهى.”زاد المعاد” (4/54)
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا ويجعله شاهدا لنا لا علينا والحمد لله رب العالمين.
أحدث التعليقات